البيت الأبيض يحسم الأمر بشأن قضية مرض وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن

لا تزال قضية إخفاء وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حقيقة مرضه مثار جدل في الأوساط الرسمية والشعبية الأمريكية، حيث دخل أوستن المستشفى في بداية العام الجديد، ولكنه لم يخبر أحداً، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي لم يكن على دراية بهذا الأمر.
مما تسبب بحسب مسؤولين أمريكيين، بالإحراج للبيت الأبيض والرئيس الأمريكي بعدما تبين أن وزير دفاعه موجود في المستشفى منذ أيام وهو لا يعلم بالأمر.
وأفادت وزارة الدفاع يوم الجمعة المضي، بأن الوزير قد دخل المستشفى بسبب مضاعفات بعد إجراء عملية جراحية اختيارية مؤخرًا. وقد قررت الوزارة الاحتفاظ بالأمر سرا لمدة خمسة أيام.
وجاء الإعلان، بعدما أبلغ مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بايدن بالأمر بعد ظهر الخميس الماضي، بعدما علم سوليفان بنفسه أن أوستن في المستشفى.
وقال أوستن في رسالته التي ابلغ خلالها عما جرى معه يوم السبت الماضي :”أنا أتفهم مخاوف الإعلام بخصوص الشفافية، وأدرك أنه كان بإمكاني القيام بعمل أفضل لضمان حصول الجمهور على المعلومات المناسبة”. وأضاف وزير الدفاع: “أتعهد بأن أفعل ذلك بطريقة أفضل، وأتحمل المسؤولية الكاملة عن قراراتي فيما يتعلق بنشر الأمور والإفصاح عنها”.
وأوضحت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية أن عدم إبلاغ وزير الدفاع كبار مستشاريه أو حتى بايدن بدخوله المستشفى، الأسبوع الماضي، أدى إلى إثارة حالة من الجدل تركت كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الدفاع غاضبين ومرتبكين، مما دفع بعض الجمهوريين إلى إجراء تحقيق في الأمر يهدف إلى معاقبته أو حتى إقالته من منصبه.
حساسية الموضوع بالنسبة للإدارة الأمريكية
يأتي منصب وزير الدفاع الأمريكي مباشرة بعد منصب الرئيس، على سلم القيادة العسكرية في الجيش الأمريكي، الأمر الذي يتطلب منه أن يكون متاحاً دائماً للتعامل مع أي نوع من أنواع أزمات الأمن القومي، وخاصة في هذه الفترة التي تتميز بوجود عدد كبير من الأزمات المتعلقة بالأمن القومي التي تواجه الولايات المتحدة.
حيث يشارك الجيش الأمريكي حاليًا في العديد من الأزمات في الخارج فهو يقدم الدعم لإسرائيل ضد حركة حماس، ويحاول ردع هجمات الحوثيين المدعومة من إيران في البحر الأحمر، ويقدم المشورة والدعم لأوكرانيا في حربها مع روسيا.
البيت الأبيض يحسم أمر الإقالة
أكد البيت الأبيض، الاثنين ، أنه لا توجد خطط بشأن إقالة وزير الدفاع لويد أوستن من منصبه، على خلفية الجدل الذي أثاره الإعلان المتأخر عن نقله إلى المستشفى أول أيام العام الجديد.
وقد أعلن ذلك ضمن تصريحات صحفية أدلت بها كارين جان بيير، الناطقة باسم البيت الأبيض، وجون كيربي، متحدث مجلس الأمن القومي الأمريكي، على متن الطائرة خلال مرافقتهما للرئيس جو بايدن أثناء توجهه إلى ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية.
وأفاد كيربي أنه ليست هناك أية خطط لإقالة أوستن من منصبه، مؤكداً أن أولوية بايدن هو تعافي الوزير من مرضه، وأضاف أن “بايدن يرغب في رؤية أوستن على رأس عمله بأقرب وقت”.
من جهتها، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض إن لدى بايدن “ثقة تامة” تجاه أوستن،
وتعهدت أن البيت الأبيض سيلتزم بالشفافية الكاملة في حال حدث أمر مشابه فيما يتعلق بالوضع الصحي لبايدن.
وتأتي هذه التصريحات بعد ردود الفعل الغاضبة على تصرّف وزير الدفاع الأمريكي وإخفائه خبر مرضه، حيث طالب العديد من المسؤولين الجمهوريين بإقالة اوستن وعبروا عن غضبهم إزاء “افتقار وزارة الدفاع للشفافية” في إدارة بايدن بعد الكشف عن إخفاء حقيقة دخول وزير الدفاع لويد أوستن إلى المستشفى لعدة أيام، واعتبروا أن ذلك بعد انتهاك لحق الجمهور في الحصول على المعلومات، ويهدد أمن الولايات المتحدة خلال تلك الفترة
ردود الفعل على الحادثة
من جهته الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انتقد وزير الدفاع لويد أوستين بسبب عدم الإعلان عن وجوده في المستشفى لعدة أيام ودعا إلى إقالته فورا.
وأعلن ترامب عبر منصة “تروث سوشيال”: “يجب إقالة وزير الدفاع الفاشل لويد أوستن على الفور بسبب السلوك المهني غير اللائق والتقصير في أداء الواجب”.
وأضاف أن وزير الدفاع “كان في عداد المفقودين لمدة أسبوع واحد، ولم يكن لدى أحد، بما في ذلك رئيسه جو بايدن الملتوي أدنى فكرة عن مكان وجوده”.
واعتبر ترامب أن أداء وزير الدفاع كان سيئاً، وكان ينبغي إقالته منذ فترة طويلة، هو و”الجنرال” مارك ميلي (الرئيس السابق لهيئة الأركان)، لأسباب عديدة، على وجه الخصوص الاستسلام الكارثي في أفغانستان، ربما كانت اللحظة الأكثر إحراجاً في تاريخ بلادنا!”.
أما نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بنس فقد قال عن العلاج السري لوزير الدفاع لويد أوستن بالمستشفى بأنه “غير مقبول” لأن الأمريكيين لهم الحق في معرفة حالته الصحية.
قصة مرضه
نقلت الغارديان تفاصيل جديدة نشرها البنتاغون حول دخول أوستن إلى المستشفى، مشيرةً إلى أنّه خضع لإجراء طبي أولي بتاريخ 22 كانون الأول/ديسمبر، ثم عاد إلى منزله في اليوم التالي، قبل أن يتمّ إدخاله في اليوم الأول من العام الجديد إلى العناية المركزة في مستشفى والتر ريد العسكري في ميريلاند بعد معاناته من آلام شديدة.
وفي سياق متصل، ذكر مسؤول كبير في وزارة الدفاع، أن كاثلين هيكس، نائبة وزير الدفاع الأمريكي لم يتم إبلاغها بدخول الوزير إلى المستشفى إلا بعد يومين.
وقال المسؤول إنه بمجرد أن تم إبلاغ هيكس بالأمر، بدأت في إعداد البيانات اللازمة لإرسالها إلى الكونغرس وكانت هيكس تضع خططا للعودة إلى واشنطن بعد أن كانت تمضي إجازة في بورتوريكو، إلا أنها عدلت عن ذلك بعد أن أُبلغت أن أوستن سيستأنف العمل يوم الجمعة.
وأُعلن في وقت لاحق أن بايدن وكبار مسؤولي الأمن القومي وحتى نائب وزير الدفاع كاثلين هيكس التي تولت مهام أوستن لم تكن على علم بإدخال وزير الدفاع إلى المستشفى إلا بعد ثلاثة أيام من دخوله.
ومن الجدير بالذكر، أن آخر تحديث من البنتاغون بشأن أنشطة أوستن جاء في 30 ديسمبر/كانون الأول، بعد مكالمة هاتفية أجراها مع وزير الدفاع الهولندي.
وكان “أوستن” قد أخفى خبر دخوله المستشفى في يوم رأس السنة الجديدة عن الرئيس والشعب لأيام، وأعلن السبت الماضي تحمّله المسؤولية الكاملة عن هذه السرية.
بدورها وزارة الدفاع الأمريكية أيضاً أخفت عن البيت الأبيض لمدة 3 أيام معلومات حول دخول وزير الدفاع لويد أوستن إلى المستشفى.
ويرى مراقبون أن فشل البنتاغون في الكشف عن دخول أوستن إلى المستشفى، يعكس نقصًا كبيرًا في الشفافية حول حالته المرضية، ودرجة خطورتها، وتوقعات تعافيه وخروجه من المستشفى، وتتعارض هذه السرية مع الممارسات المعتادة للرئيس وكبار المسؤولين الأمريكيين وأعضاء مجلس الوزراء.
تقديم البنتاجون تصريحات للإعلام بشأن القضية
قال باتريك رايدر، المتحدث باسم «البنتاجون» ردًا على أسئلة من صحيفة «نيويورك تايمز»، إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خضع لإجراء طبي اختياري في والتر ريد في 22 ديسمبر الماضي، بعد يومين من عودته من رحلة استغرقت 5 أيام إلى الشرق الأوسط، بعدما عانى من ألم شديد، وفي 1 يناير من العام الجديد 2024، جرى نقل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى والتر ريد ووضعه في وحدة العناية المركزة بالمستشفى.
وأضاف المتحدث باسم «البنتاجون»، إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، منذ استئنافه مهامه مساء يوم الجمعة الماضي، تلقى تحديثات تشغيلية وقدم التوجيه اللازم لفريقه في الوزارة، وتابع رايدر، أن الوزارة لا تعرف بعد موعد خروج وزير الدفاع لويد أوستن من المستشفى.
في النهاية، ورغم تقديم أوستن والبنتاغون اعتذار بشأن هذا التصرف الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، فإن هذا يكشف الخلل الموجود في البيت الأبيض وعدم التنسيق بين كبار المسؤولين الأمريكيين.