الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة

الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة من الموضوعات التي يجب أن نمعن التفكير فيها ؛فالهوية الثقافية للشعوب بمثابة الكتاب أو الصفحات التي تعرف كل شعب عن نفسه ،من الممكن أن تكون الهوية الثقافية عامل ربط لأكثر من شعب وممكن أن تكون عامل فصل في حاله الأختلاف الثقافي في الأُمه الواحدة والتي قد تتمثل في اللغة والعادات والتقاليد وغيرها سوف يتم التحدث عنها في السطور القادمة.
الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة
علي ذكر موضوع الهوية الثقافية والعولمة هي لا تزال تعد من القضايا المهمة التي تحتاج لتحليلها لفهم طبيعة العلاقة والتأثير المتبادل ؛حيث أن لكل منها تأثير مختلف ومتضاد عن الأخرى ؛حيث أن الهوية تساعد على التميز والإختلاف وتتجه إلي مفهوم الخصوصية على عكس العولمة التي تسعى إلي إلغاء الحدود والاختلافات بين الأقطار والشعوب أي أنها تسعى لبناء ثقافة مشتركة ومتجانسة بين مختلف الشعوب لإلغاء الحواجز وتحجيم الخصوصية لذا نستنتج مما سبق أن العلاقة بينهم تصادمية.
أولا: تشكل الهوية الثقافية وسماتها
لا تتشكل الهوية الثقافية لأي أُمة من ليله وضحاها بل تتكون الهويه بمرور تاريخ طويل وعديد من الأحداث والتراكمات سواء اجتماعية أو سياسية.
من أهم سمات ومزايا الهوية الثقافية للمجتمع أو أُمه انها تعمل على التعبير عن الذاتية الجماعية ووصف الروح الجمعية والتي بالطبع تجعل لذلك المجتمع طابع خاص وصبغة تميزه عن بقية مختلف المجتمعات.
من أهم أدوار الهوية الثقافية لمختلف المجتمعات أنها تحث على التجانس والترابط بين أبناء الثقافة الواحدة كما تنمي شعورهم بالانتماء إلي مكان محدد أو زمان محدد كان يعيش فيه أجدادهم.
تكون هنا تشكلت الهويه الثقافية للمجتمع أمه معينه من خلال الإشتراك في اللغة والتاريخ وأساليب المعيشة وأيضًا نفس العادات والتقاليد كل ذلك يعمل على تقوية أواصر الترابط فيما بينهم وسنعرف فيما بعد عن الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة.
ثانيًا: العولمة وتطورها
العولمة ببساطة تعبير عن جعل الشيء عالمي أي إكسابه صفة العالمية أي الأنتقال من الخصوصية إلى العمومية اي تعميم الشيء وجعله أكثر إنتشارًا كما تتضمن الغاء الحدود القومية التي قد تحجم الثقافة أوالهوية.
العولمة ليست من المفاهيم التي ظهرت حديثًا وإنما هو مفهوم يعبر عن أوضاع قديمة ،يرجع ظهورها عمليًا مع ظهور الإمبراطوريات العظمى والاستعمارات والتي استغلت نفوذها وقوتها في نشر ثقافتها ومبادئها وأنظمة حكمها على باقي البلدان.
ومع مرور الزمن إلى العصر المعاصر سوف تتبين الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة والتي تهيمن فيها الدول الكبرى تعمل العولمة هنا على تفسيح المجال إلى ثقافات تلك الدول بالانتشار على نطاق واسع ليشمل العالم كله وساعد على ذلك أيضًا التقدم التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي.
من الأحداث السابقة ومع مرور السنوات والأزمنة نستنتج أيضًا أن العولمة لم تقضي على أي من تلك الهويات الأخرى وظلت الثقافات متنوعة وإنما عززت مكانتها وجعلتها معروفة ومحط اهتمام كثير من السياح والدارسين.
ثالثًا: العولمة الثقافية
للأسف من الآثار الجانبية للعولمة هي تهميش بعض الهويات التي تقوّمها بعض المكتسبات من لغة وأساليب معيشة وعادات وتقاليد ومعتقدات ،والتي قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية لكنها في النهاية تعمل على التهميش أو حتى التغيير لضمان أن نتبع ثقافات مراكز القوى.
يحدث ذلك بالطبع من خلال إستثمار فوائد التقدم التكنولوجي وثورة الاتصالات والتي توضح كثير من الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة حيث نلاحظ أن الثقافة الأمريكيه أو ثقافات الدول المتقدمة أصبحت منتشرة ومتأثره بها كثير من ثقافتنا.
رابعًا: آثار العولمة السلبية على الهوية
من مظاهر العولمة التي تتجلى بشدة عن طريق التقدم الهائل في التكنولوجيا ووسائل الاتصال والتواصل والتي بدورها تعمل على إلغاء الحواجز بين الهويات الثقافية وهي فكرة هيمنة القوى العظمى على شعوب العالم والدول الأقل قوة إما أقتصاديًا أو حضاريَا.
الأمر الذي يصب في مصالحهم بمختلف الطرق دون أن تراعي حاجات وخصوصية مختلف الشعوب وثقافاتهم.
من الأمور الهامة التي قد تلفت أنتباه الكثيرين أصبحت الدول الكبرى تولي اهتماما فعليًا إلى الإعلام وتخصص له ميزانية لا تقل عن الميزانيات التي يتم تخصيصها في الدفاع وذلك يعكس بوضوح أهمية وحساسية الدور الذي أصبح الإعلام يقوم به.
قد تظهر آثار سلبية للعولمة بين الحين والآخر من خلال العالم الرقمي وهو الانغماس في الثقافات المختلفة والمتنوعة والشعور بالتشتت وقد يصل الأمر إلى التغرب عن الهوية الثقافية الأصلية للفرد.
قد تكون الهويات الثقافية وتأثٌرها بالعولمة والعالم الرقمي لها دور في زيادة انتشار ثقافات كبيرة نطاق بالفعل ومتواجدة بفاعلية في العالم الرقمي، والعكس صحيح زيادة تهميش بعض الثقافات الأصغر حجمًا وأقل إنتشارًا في العالم الرقمي.
ومن الآثار والتي قد تكون أهمها خصوصيات الهويات في العالم الرقمي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي الأمر الذي أصبح غير آمن بنسبة مطلقة حيث أصبح من الممكن عرض كثير من المعلومات وسجلات التفاعلات لمجتمع معين يكون أغلبها بهدف الدراسة.
كما أن استمرارية تواجد الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي والسعي لنيل محبة وإعجاب الآخرين أوالأغلبية قد يدفع الفرد لمجاراة الثقافات الشائعة والتصنع بشكل لا يعكس شخصيته الحقيقية أو هويته الثقافية وهذا أكبر تأثير للعولمة وأوضحها.
خامسًا: حلول لمواجهة الآثار السلبية للعولمة
مع ظهور العولمة وترسّخها في الواقع أصبح علينا وضع حلول لمعرفة التعامل أو حتى التأقلم مع بعض الأوضاع التي يصعب تغييرها وأيضًا التمعن في دراسة الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة ومن الوسائل التي يمكن إتباعها:
- في مجتمعاتنا العربية ضروري أن يكون الإعلام ناضج في تحليل الواقع وتوصيل أفكاره البناءة ووجهات نظره العادلة من دون الانحياز لأي أطراف قد تكون لها مصالح معينة
- من المهم على الإعلام إستمرار عرض هويته الثقافية والافتخار بها أمام كل الأجيال التي تشاهده ليصبح موروث ثقافي وهوية غير قابلة للتهميش أو الاندثار.
- وضع استراتيجيات عربية جديده بين الحين والآخر للتلائم مع مستحدثات العالم الرقمي و لتواكب المتغيرات مع الحفاظ على الهوية الثقافية.
- الاهتمام بخلق أجيال جديدة قادرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وتطورات العلم بمختلف فروعه وذلك من خلال إعادة النظر دوريًا في المناهج الدراسية والجامعية لمواكبة ما هو جديد.
سادسًا: الرأي العام عن العولمة والهوية
كانت قضية الهويات الثقافية وتأثُرها بالعولمة شأنها شأن عديد من القضايا والموضوعات التي لها عديد من وجهات النظر والتحليلات وبالطبع الإنقسام بين مؤيدين لظاهرة العولمة ومعارضين لها
- التأييد: يستند مؤيدو العولمة على الإيجابيات التي أحدثتها من قفزة نوعية في مجال المعلومات والمعرفة كما أنها اختصرت عديد من الوقت والجهد وقربت المسافات وسهلت دراسة مختلف الأمور والإبداع فيها. كما أنها يسرت الدخول الى عالم جديد ومرحلة جديدة اتحدت فيها كثير من القيم الثقافية للعديد من الحضارات والمجتمعات.
- المعارضة: أما من عارضوا ظاهرة العولمة كانت وجهة نظرهم أنها تعمل على تغيير البيئة الأساسية وتهميش الهوية الثقافية ومكتسباتها من لغة وأساليب الحياة وغيرها كما تعمل على توسيع المسافة والفوهة أقتصاديًا بين الدول الغنية والفقيرة وسياسيًا زيادة هيمنة القوى العظمى وظهرت كثير من الكتب التي تناولت العولمة من تلك الرؤية.
في الختام تمثل الهويات الثقافية وتأثٌرها بالعولمة تفاعل معقد يحتاج النظر بموضوعية يطرح العديد من التحديات والفرص على حد السواء حيث تتيح للأفراد من مختلف الثقافات التفاعل والتبادل وتوسيع الآفاق.
منى عبد الخالق