وشهد شاهد من أهلها: صحيفة لوموند الفرنسية تدحض ادعاءات الجيش الإسرائيلي حول الأنفاق في مجمع الشفاء
أعلنت صحيفة “لوموند” الفرنسية أمس الأحد أنها قامت بتحليل مقاطع فيديو بثها الجيش الإسرائيلي منذ احتلاله مبنى مستشفى الشفاء بغزة، والتي أظهرت وجود نفق داخل مستشفى الشفاء، ولكنه ليس بالحجم الذي يجعله مركزا عملياتياً واسعاً لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما قدمته القوات المسلحة الإسرائيلية.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن المتحدث باسم القوات المسلحة الإسرائيلية يظهر وهو يتجول عبر نفق، ويشير إلى مطبخ أو مرحاض أو غرفة صغيرة فارغة، في مقاطع فيديو يزعم أنها تثبت وجود مركز عمليات ضخم تحت الأرض تستعمله حماس تحت مجمع المستشفى.
وبفضل التسلسل غير المحرر لمقاطع الفيديو هذه، تمكنت “لوموند” من إعادة بناء خرائط هذا الممر تحت الأرض، الذي يبلغ طوله حوالي 130 مترا، وقالت الصحيفة “إننا نلاحظ ترتيبات هناك ولكنها لا ترقى إلى مستوى مركز عملياتي واستراتيجي، ولا إلى مخبأ كبير للأسلحة” كما يزعم الجيش الإسرائيلي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي كان قد اتهم حماس سابقا بأنها تتخذ مركز قيادة من تحت مجمع مستشفى الشفاء عارضا صورا ثلاثية الأبعاد لمركز به 5 قاعات اجتماع قبل اقتحامه للمجمع بعدة أيام، ولكن الصور التي بثها لا تشبه النفق الذي استعرضه متحدث باسم القوات المسلحة الإسرائيلية.
تعليق حركة حماس على تقرير صحيفة “لوموند”:
وفي تعليق حركة حماس على تقرير صحيفة “لوموند” الفرنسية، قال عضو المكتب السياسي بحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، عزت الرشق، مساء الأحد، في بيان للحركة على منصة تلغرام، إن تحقيق صحيفة “لوموند” الفرنسية “دحض مزاعم إسرائيل استخدام مستشفى الشفاء كمقر لقيادة حماس في غزة وأثبت كذبها”
وأوضح الرشق أن “التحقيق الذي أجرته صحيفة لوموند الفرنسية، والذي دحضت فيه المزاعم الصهيونية حول استخدام حركة حماس مستشفى الشفاء كمقر للقيادة والسيطرة وإدارة العمليات العسكرية لهو دليل جديد يضاف لعدة تحقيقات مهنية عالمية أثبتت كذب ما سعى الكيان الصهيوني لترويجه للعالم عبر دعايته المضللة”.
وذكر أن ذلك يأتي ضمن “تبرير (إسرائيل) لجرائمها وحرب الإبادة التي تقترفها ضد شعبنا، وتدميرها للقطاع الطبي وإخراجها عن الخدمة بهدف دفع المواطنين للهجرة القسرية عن أرضهم”.
وطالب الرشق “المحكمة الجنائية الدولية” وغيرها من المحاكم المختصة، بمحاسبة الكيان المجرم وقادته النازيين على ما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني، وتدمير ممنهج لكافة مرافق الحياة في قطاع غزة”.
موقع مستشفى الشفاء وتاريخه:
يقع مستشفى الشفاء في الجزء الغربي من مدينة غزة في النصف الشمالي من القطاع حيث تتركز العمليات العسكرية الإسرائيلية. وهو عبارة عن مجمع كبير من المباني والأفنية يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من ميناء صيد صغير في مدينة غزة، وينحصر بين مخيم الشاطئ للاجئين وحي الرمال.
تبلغ مساحة المجمع الطبي، الذي أنشئ في عام 1946، 45 ألف متر مربع وهو الأكبر في غزة، وفق تقرير لوكالة “رويترز”.
شُيد المستشفى خلال الحكم البريطاني، أي قبل عامين من انسحاب بريطانيا من فلسطين. وظل المستشفى قائما خلال فترة إدارة مصر للقطاع التي استمرت عقدين تقريبا بعد حرب عام 1948.
وفي عام 1967، استولت إسرائيل على قطاع غزة واحتلته وظل مستشفى الشفاء مكانا محوريا لفترة طويلة قبل سيطرة حماس على القطاع حيث كان يلجأ إليه العديد من الفلسطينيين خلال اشتباكات مع القوات الإسرائيلية.
وفي عام 1994، أدت قوات الأمن التي كانت تسيطر عليها حركة فتح التحية للعلم الفلسطيني بعد رفعه فوق المستشفى عندما مُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا محدودا في غزة خلال عملية أوسلو للسلام.
ثم انتقلت السيطرة الفعلية على المستشفى بعد ذلك من السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح إلى حماس بعد الفوز المفاجئ الذي حققته الحركة في انتخابات عام 2006، وبسط نفوذها العسكري على غزة عام 2007.
اقتحام مستشفى الشفاء
ومع بداية عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول ازداد القصف الإسرائيلي على مستشفى الشفاء بشكل عنيف، وبعد حصار دام لمدة أسبوع اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالدبابات مستشفى الشفاء، في وقت يضم فيه آلافًا من الفلسطينيين من مرضى وطواقم طبية ومدنيين نازحين جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
وقد انسحبت قوات الإحتلال الإسرائيلي من مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة مع بدء الهدنة الانسانية في غزة بتاريخ 24 نوفمبر/ تشرين الثاني ، والتي انتهت في 1 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعد نحو 10 أيام على اقتحامه وتدمير أجزاء فيه، وفق مصادر محلية.
يُذكر أن إسرائيل تشن منذ معركة “طوفان الأقصى” يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قصفا مكثفا على غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 15 ألف مدني معظمهم نساء وأطفال، ونزوح جل سكان القطاع عن بيوتهم، بالإضافة إلى التسبب في دمار هائل بالمساكن والبنى التحتية.
وفي النهاية هذا التقرير لصحيفة لوموند الفرنسية ليس دليلاً فقط على كذب قوات الإحتلال الإسرائيلي، وإنما هو دليل على أن كل اتهامات الصهاينة للفلسطينيين ليست إلا إدعاءات لا أساس لها من الصحة فالفلسطينيون هم أصحاب الحق، فهم يدافعون عن حقهم المغتصب، وهم أصحاب حق وقضية وليسوا بحاجة لشهادة أحد ليثبت حقهم، فكل شخص يقرأ التاريخ يعرف ذلك، ومن المفارقات أن “مستشفى الشفاء” عمره أكبر من عمر دولتهم.