مضيق باب المندب: الورقة الرابحة التي استطاع من خلالها الحوثيون أن يفرضوا حصاراً اقتصادياً على إسرائيل
الورقة الرابحة التي استطاع من خلالها الحوثيون أن يفرضوا حصاراً اقتصادياً على إسرائيل

أكد المتحدث العسكري باسم الحوثيين في اليمن يحيى سريع، في تصريح له البارحة، أن جماعة “أنصار الله” شنت هجمات بالصواريخ على سفينتين،
قائلاً: هاجمنا السفينتين “إم.إس.سي ألانيا” و”إم.إس.سي بلاتيوم 3″.
وأضاف المتحدث: “تم استهداف السفينتين المتجهتين إلى الكيان الإسرائيلي بصاروخين بحريين مناسبين.. عملية استهداف السفينتين جاءت بعد رفض طاقميهما الاستجابة لنداءات القوات البحرية اليمنية وكذلك الرسائل+/ التحذيرية النارية”، بحسب تعبيره.
وفي تأكيده أنّ هذه الإستهدافات موجهة فقط للسفن المتجهة إلى إسرائيل، قال: “نطمئن كافة السفن المتجهة إلى كافة المواني حول العالم عدا المواني الإسرائيلية بأنه لن يصيبها أي ضرر”.
تضرر الإقتصاد الإسرائيلي جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
ذكر موقع “واينت” الإسرائيلي أنه: بسبب هجمات الحوثيين ومنع السفن من الإبحار إلى إسرائيل، بدأ القلق عند المستوردين للمواد الغذائية بعدما تضرر المخزون لديهم ما سيؤدي إلى احتمالية رفع الأسعار.
ولفت الموقع إلى أن مستوردي المواد الغذائية أبلغوا بالفعل عن نقص وتأخير في سلاسل المنتجات الإلكترونية والكهربائية، فيما يخشى تجار التجزئة بشكل أساسي من استغلال المستوردين للوضع لرفع الأسعار.
من جهته ليرون كاتز، وهو نائب رئيس تطوير الأعمال ومدير الأنشطة الرقمية في المستودعات الكهربائية، قال: “يتم تأخير كل منتج يصل عن طريق البحر وأنه سيكون هناك نقص كبير في الأسابيع المقبلة “.
وكان موقع “أكسيوس” قد أفاد بأن وصول السفن إلى ميناء إيلات بجنوب إسرائيل توقف بشكل شبه كامل، بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
ويذكر أنّ ميناء إيلات يعتبر من الموانئ الهامة بالنسبة للإقتصاد الإسرائيلي.
أقرأ أيضا : غزة تتصدر محركات البحث لعام 2023 بحسب تقرير “غوغل تريند” السنوي
السبب الرئيسي لهجمات الحوثيين
بمجرد إعلان عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واستمرار الإعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، حذر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي من أن مقاتليه سوف ينتقمون إذا تم تجاوز “الخطوط الحمراء”، وإذا تدخلت الولايات المتحدة في غزة، وذلك عبر “الضربات الصاروخية والمسيرات والخيارات العسكرية”، وقال “نحن مستعدون للتدخل بكل ما في وسعنا”.
ومع بداية يوم 19 اكتوبر/ تشرين الأول، بدأ الحوثيون بتنفيذ تهديداتهم حيث أطلقوا صاروخ كروز بإتجاه إسرائيل، إلا أنهم لم يكتفوا بذلك، فقد هاجمت الجماعة اليمنية بالفعل سفنًا في البحر الأحمر على مدى الأسابيع الماضية.
وخلال الأسبوع الأول من الشهر الحالي (ديسمبر 2023) ، تعرضت ثلاث سفن تجارية لهجوم في المياه الدولية، ما دفع المدمرة “ماسون” الأميركية إلى التدخل.
بالإضافة إلى أن الحوثيين استولوا الشهر الماضي، على سفينة الشحن “غلاكسي ليدر” ذات الملكية البريطانية والتي كانت لها صلات بشركة إسرائيلية. ولم يكتفوا بذلك، فقد اطلقوا طائرات مُسيرة وصواريخ باليستية نحو إسرائيل، وأعلنوا أنّ كل هذه التحركات، ليست سوى دعم للفصائل الفلسطينية في غزة.
ردود الفعل الدولية على الإستهدافات في البحر الأحمر
وفي ردود الفعل الدولية، تداولت وكالات إخبارية تصريحات عن مسؤولين أميركيين قولهم: إن إدارة الرئيس جو بايدن بعثت برسائل للحوثيين عبر قنوات عدة تحذرهم من الاستمرار في شنّ هجمات على السفن في البحر الأحمر وضد إسرائيل.
وأضافت المواقع أن المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، طلب من دبلوماسيين من سلطنة عمان وقطر نقل رسائل تحذير إلى الحوثيين، أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة.
ونقلت هذه الوكالات عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين قولهم إن من المتوقع أن تعلن أميركا تشكيل قوة متعددة الجنسيات في البحر الأحمر؛ لردع الحوثيين عن شنّ مزيد من الهجمات.
كما نقل موقع إسرائيلي عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله، إن «مجلس الحرب» الإسرائيلي، قرر عدم شنّ عمل عسكري ضد الحوثيين في الوقت الحالي، حتى لا ينصرف انتباه الجيش عن الحرب في غزة، ولتجنب توسع الصراع في المنطقة.
أقرأ أيضا : طوفان الأقصى …نقطة التحول الجديدة
وفي الرد الإيراني على هذه التصريحات، عبر وزير دفاعها، محمد رضا أشتياني، عن رفض بلاده للخطة الأميركية المتعلقة بإنشاء قوة ردع متعددة الجنسيات لضمان السلامة البحرية في البحر الأحمر، ووصفها بأنها “غير عقلانية”، فيما حذر واشنطن من مواجهة “مشكلات غير عادية”.
وقال أشتياني في تصريحات أوردها موقع “إيران إنترناشونال”، إن
“المنطقة لا مجال فيها لمزيد من الصراع على السلطة”، مشدداً على أنه “في حال تنفيذ قرار واشنطن، فإنها ستواجه مشكلات غير عادية”.
وأشار إلى منطقة البحر الأحمر بـ “منطقتنا”، قائلاً:
“لا يمكن لأحد أن يتحرك في منطقة نسيطر عليها”.
خصوصية مضيق باب المندب
مضيق باب المندب هو: ممر مائي يصل خليج عدن وبحر العرب بالبحر الأحمر، ومنه عبر قناة السويس إلى البحر الأبيض المتوسط. وهو يقع بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وأريتريا في إفريقيا، ويتوسط القارات الخمس.
وأكثر شيء يميز مضيق باب المندب، أنه يصل البحرَ الأحمر بخليج عدن، وبحر العرب، والمحيط الهندي من جهة، والبحر الأبيض المتوسط من الجهة الأُخرى، كما يأتي اليمنُ في قلب مشروع “الحزام والطريق” أَو ما يعرف بـ “طريق الحرير”، نظراً لأهميّة موقعه، وامتلاكه عدداً من الموانئ، والجزر المتناثرة وعددها (130) على هذا الطريق، مثل ميناءَي عدن والمخاء اللذين يتوسطهما مضيق باب المندب، وجزيرة بريم التي تتوسط المضيق.
والجدير بالذكر أن مضيق باب المندب تحوّل منذ افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق إفريقيا.
ومما زاد أهمية الممر، أن عرض قناة عبور السفن بين جزيرة بريم والبر الإفريقي، هو (16) كيلومتراً وعمقها (100-200) متر، مما يسمح للسفن وناقلات النفط بعبور الممر بسهولة في الاتجاهين.
أقرأ أيضا : محور فيلادلفيا قد يشعل حرب بين مصر وجيش الإحتلال الإسرائيلي
أهمية مضيق باب المندب الإقتصادية65
ويحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً (3.3) مليون برميل نفط، وتمثل (4%) من الطلب العالمي على النفط. كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره (21) ألف سفينة سنوياً أي ما يعادل (10%) من الشحنات والبضائع البحرية العالمية ، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا.
ويعبر المضيق شحنات تقدر بنحو (700) مليار دولار أمريكي سنويًا من حجم التجارة في طريقها إلى قناة السويس ومن ثم إلى البحر الأبيض المتوسط. كما يمر (1.5) مليون برميل من النفط الخام يوميًا عبر الممرات المائية الاستراتيجية، حيث يتم تصدير ما يقرب من (10%) من إجمالي النفط الخام السعودي إلى أوروبا عبر هذا الممر المائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الكمية الأكبر من الخام الأوروبي الوارد من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط الكبير يمر عبر منطقة البحر الأحمر.
ماهية الحصار الإقتصادي على اسرائيل
بحسب تقارير إقتصادية، فإن حجم التجارة الإسرائيلية مع الدول الآسيوية يقدر بـ 40 مليار دولار سنويا. كما يقدر عدد السفن القادمة من آسيا إلى الموانئ الإسرائيلية عبر البحر الأحمر بـ278 ألف سفينة.
وبعد إستهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، اضطرت هذه السفن لتغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي زاد من أجور الشحن وأسعار السلع بنسبة 9% كحد أدنى، وفقا لمواقع تتبع حركة السفن التجارية.
ويمثل قرار الحوثيين استهداف السفن المتجهة لإسرائيل، بمثابة إعلان فرض حصار تجاري بحري مباشر على إسرائيل من خلال البحر الأحمر، حيث بدأت السفن المتجهة من آسيا إلى إسرائيل الآن، تسلك مساراً يدور حول إفريقيا، ما يجعل الرحلة أطول بثلاثة أسابيع وأكثر كلفة.
والجدير بالذكر أنه على مدى الأسبوعين الماضيين، بدأت السفن المتجهة إلى موانئ أخرى خارج إسرائيل أيضاً في استخدام الطريق الأطول للوصول إلى أوروبا، حتى لا يتم استهدافها.
هذا وتعتبر الإستهدافات اليمنية للسفن المتجهة إلى إسرائيل، واستخدام الحوثيين لمضيق باب المندب كورقة ضغط دولية على اسرائيل من أهم الأحداث التي حصلت ويتوقع أن تغير مسار الحرب لصالح الفلسطينيين، خصوصاً بعد أن تضرر كل الإقتصاد الدولي بشكل مباشر من هذه الحرب، بسبب استخدام الحوثيين مضيق باب المندب كورقة ضغط دولية، بعد أن كان كل العالم يتفرج دون أن يحرك ساكناً على اسرائيل وهي ترتكب مجازر بحق الفلسطينيين.