الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي

الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي يجب علينا أن نولي الإهتمام والحفاظ عليها لأنها تعد من الموروثات الشعبية الثقافية التي قد تربط بحد كبير الأجيال ببعضها البعض من خلال الرسائل القيمة والمتنوعة التي تقدمها تلك الحكايات ،ويمكن الحفاظ على ذلك النوع من الأدب عن طريق تضمينها في المناهج الدراسية ،ومن خلال موقع رواد المتوسط سنتعرف على مدى اهميتها.
الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي
في البداية يجب أن نُعرف الأدب الشعبي على إنها مجموعة من الفنون القديمة والحكايات والقصص والأساطير والموروثات المادية والفنون المختلفة من التراث الثقافي لمجموعة من البشر يعيشون في نطاق معين أكسبتهم شخصية متميزة عن غيرهم من المجموعات البشرية.
وتعمل كل مجموعة بشرية لها تراث ثقافي شعبي من عادات وتقاليد على الحفاظ عليه من جيل إلى جيل عن طريق القصص والروايات الشفهية.
كانت الحكايات والقصص الشعبية قديمًا وسيلة من وسائل الترفيه الوحيدة لذا كانت الأكثر إنتشارًا وذلك قبل ظهور وسائل التواصل والتطور التكنولوجي.
كانت تلك القصص لها تأثير في الكبار والصغار بنفس المقدار لما تقدمه من قيم ومواعظ تساعد في بناء الشخصية ، كانت تلك الحكايات تضم سير الشخصيات البطولية القديمة والقصص الهزلية والأساطير التي تعتمد كثير منها على خيالات الأجيال السابقة كما إنها تسهم في فهم الأفراد موروثاتهم الثقافية الشعبية بحد كبير.
يعد الأدب الشعبي وقصص التراث تتواجد في جميع البلدان بمختلف اللغات بأكثر من طريقة ورواية لأنها تعبر بشكل كبير عن هويتهم.
أهمية الحكايات الشعبية

إن القصص والحكايا الشعبية صنفت بأنها أكثر أنواع الأدب الجاذبة للصغار والكبارعلى حد السواء وذلك عند التمعن والتفكير فيها نجدها تقدم عديد من التعاليم التي تعمل على إيجاد أمثل الحلول للمشكلات والمواقف بشكل عام حتى مع اختلاف الثقافات والبيئات التي ينتمي إليها الفرد.
تعمل الحكايات الشعبية بمختلف أنواعها على معالجة كثير من القضايا الواقعية من خلال الأسلوب سردي المثير للأهتمام ليعلق في الأذهان كثير من المعاني والمواعظ والفضائل.
من استخدامات الحكايات والقصص الشعبية هي إعادة إحياء فترات تاريخية لكثير من الأُمم والشعوب والشخصيات البطولية والتي لم يشهد على أحداثها إلا قليل من الشواهد كموروث ثقافي يبرز الهوية وكنوع من أنواع الإعتزاز بالأجداد والحضارات.
معظم الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي بمثابة المرآة التي تعكس الكثير من نظريات ووجهات نظر شعب معين اتجاه كثير من الأمور الحياتية أي تعكس منظورهم الخاص في الحياة من ما اكتسبوه من ثقافتهم وهويتهم.
نماذج من أهم القصص الشعبية الشهيرة
من أشهر القصص التي تحمل كثير من المعاني والقيم والفضائل الأصيلة والتي منها حقيقية ومنا اسطورية خيالية ومنها الرمزية مثل قصص الحيوانات التي من خلالها يتم الكشف عن كثير من عيوب الإنسان من خلالها من خلال مكر الثعالب والصراع بين الخير والشر والقوي والضعيف، كثير من تلك القصص تتشابه في تسلسل الأحداث وكثير منها تتنوع وتختلف.

أولًا: قصص شعبية عربية
تتسم كثير من بلادنا العربية بغناها بالأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي التي كنا عادًا ما نسمعها قبل النوم من والدينا وأجدادنا وجداتنا في زيارات العطلات والأعياد وجلسات السمر ومن أشهر القصص العربية حكاية الشاطر حسن، الف ليله وليله ، السندباد البحري،علي بابا والأربعين حرامي.
نموذج قصة الشاطر حسن
كان يعيش تاجر غني وحيدًا مع إبنه حسن وأوصى ذلك التاجر إبنه إذا جاء أجله أن يهب له كل ماله وقصره الكبير الذي يحتوي على أربعين غرفة على شرط ألا يفتح الغرفة الأربعين حتى لا تسبب لحسن المتاعب والمشاكل.
مات التاجر وحزن إبنه عليه حزن كبير وبمرور الأيام قرر حسن أن يفتح الغرف كلها ليرى ما تحويه، بالفعل كلما فتح غرفة وجد ذهب وفضة وخيرٌكثير وعند الوصول للغرفة الأربعين التي وصاه على ألا يفتحها لكنه قرر أن يفتحها فوجدها فارغة ليس بها إلا طاولة عليها كوب من الماء بها شعرة مضيئة مثل ضوء الشمع وقف أمامها حسن مندهشًا ومتسائلًا لمن هذه الشعرة؟
نافذة الغرفة كانت تطل على قصر الملك الذي كان يسير مع وزيره الذين لاحظوا أمر الضوء القادم من غرفة قصر حسن وجاء الوزير بأمر من الملك مستفسرًا عن أمر الضوء وقال له حسن لا يوجد شيء إلا إن الوزير لم يقتنع وهدد بقتله في حاله عدم الإفصاح عن الأمر فطلب حسن منه فرصة حتى يفكر للرد عليه لكن هرب حسن بحصانه العجيب الذي ورثه وعندما نزل عن الحصان سأله الحصان ما به ؟ تفاجئ حسن من تحدث الحصان الذي طمأنه وأخبره بأمره فحكى حسن له ما حدث فنصحه الحصان بالذهاب للملك وإعطائه الكوب و الشعرة المضيئة.
وأخذ حسن بتلك النصيحة التي نفذها بدور وسلم الملك والوزير الكوب بالشعرة المضيئة إلا إن فضول الملك جعله يتسائل عن صاحبة الشعرة وبالطبع لم يستطيع حسن الإجابة عن هذا السؤال لأنه لا يعلم لكن هدده الوزير مره أُخرى إذا لم يفصح عن صاحبة الشعرة.
فكر حسن وطلب منه أن يمنحه بعض الوقت وذهب للحصان في قلق ليسأله على ما عليه فعله قال له الحصان أن لا يخاف وإنه سيخبره بخطة تمكنه من الأخذ بثأره وهي أن يذهب للملك ويخبره أن يحضر سفينة كبيرة معبأة بالذهب والفضة ويكون ذلك من الصندوق الخاص بالوزير نفسه. عندما يعطيه الملك ذلك الطلب خذ السفينة وإبحر بها لأقرب جزيرة سيقابلك هنا رجل ومعه فتاه كالقمر في الجمال خذها على السفينه دون الرجل وعد بها إلى الملك إلا أنه عندما نفذ حسن ذلك غضبت الفتاه لأنه ترك الرجل وأخذها منفردة على متن السفينة وألقت بخاتمها في عرض البحر.
ورفضت مقابلة الملك إلا إن اتى بها بالخاتم من عرض البحر وأمر الملك حسن أن يجلب لها الخاتم وهدده كما حدث في المرات السابقة.
ذهب حسن ككل مرة إلى حصانه وحكى له ما حدث ونصحه بأن يذهب الي الملك ويطلب منه سفينة معبئة بأطعمة فاخرة من مال الوزير وأخذها في عرض البحر.
نفذ حسن الخطوات وبالفعل أكلت من تلك الأطعمة الطيور والأسماك وسألت سمكة عن فاعل ذلك المعروف لتشكرة الأسماك فأجابها حسن وطلب منها أن تبحث له عن خاتم في قاع البحر وجلب لها الخاتم إلا انها لم تكف من الطلب والتذمر فندم حسن عن فتح غرفة الأربعين من البداية والتي بسببها واجه كثير من المتاعب.
ثانيًا: قصة شعبية من إيطاليا

ومن الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي في أيطاليا يحكى إنه كان هناك رجل اتجه إلى بلاد جديدة متغربًا عن بلاده وأثناء ذلك قام الرجل بخدمة رئيس دير من الأديرة حيث قام بقضاء مدة من الزمن في خدمة ذلك الرئيس.
وكان ذلك الرجل يرغب في رؤية وطنه وزوجته وبالفعل طلب ذلك من صاحب العمل بكل إحترام وأجابه الرئيس بالموافقة ولكن قبل الذهاب عليك بثلاث نصائح.
الأولى إذا قمت بتغيير طريقك قد تواجه بعض المتاعب التي أنت في غنى عنها ،أما الثانية شاهد الكثير وقل القليل وأخرها النصيحة الثالثة عليك بالتفكير جيدًا قبل الإقدام على أي فعل لأن الأفعال المدروسة ستكون أكثرها نفعًا وحكمة وبعد الأنتهاء أعطاه ذلك الرئيس رغيف وبلغه أن يقسمه عندما يكون سعيدًا.
غادر الرجل لرحلته إلى بلاده وأثناء ذلك قابل مجموعة من المسافرين والذين عرضوا عليه أن يتخذ معهم الطريق المحاذي المختصر فكر الرجل وتذكر إحدى نصائح رئيس عمله فشكرهم وفضل أن يكمل في طريقه.
أثناء بلوغه في منتصف الطريق سمع أصوات رصاص فالتفت من بعيد ووجد أن بعض اللصوص قتلوا المسافرين فقام الرجل بشكر ربه.
أكمل رحلته وقابل بيت كبير دخله لطلب الطعام وقام أصحاب ذلك البيت بتقديم طبق لحم كبير ذو منظر يشهي النفس لكن عندما غرز الشوكة في ذلك اللحم أكتشف إنه لحم بشري أراد أن يسأل صاحب البيت عن سبب لحم كهذا له إلا إنه تذكر نصيحة الرئيس له بقوله شاهد الكثير وقل القليل.
فبقى صامتا وتناول لقمه ثم شكر صاحب البيت على تلك الاستضافة والكرم ثم قال له صاحب البيت أحسنت الفعل لذا أنقذت نفسك من القتل حيث كل من يستفسر عن ذلك الطعام يتم قتله وطهيه ،سمع الرجل ذلك الكلام مندهشًا وشكر ربه ثم رحل من ذلك البيت الشؤم.
أستكمالًا في قصص الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي الإيطالي ،وصل الرجل إلى وطنه وإلى منزله الذي لم يجد زوجته فيه إلا إنه وجد مائده تم إعدادها بشكل جيد ومنمق لشخصين فتجب الرجل من ذلك لأنه تركها وحيده.
اختبأ تحت السرير ليرى ما سيحدث وإذ وجد الرجل زوجته تدخل المنزل وتحضر إبريق من الماء وبعدها بقليل دخل شاب لتحييه بكل ود.
تعصب الرجل وجرى الدم في عروقه حتى كاد أن يخرج ويقتلهما معًا إلا أنه تذكر نصيحة صاحب عمله وتراجع عن فعلته واستمر في المراقبة.
قالت زوجته لذلك الشاب لم أرك منذ مدة طويلة لكن عوضني الله بزوج كان بمثابة الأب والأخ وكان هذا الشاب أخيها ولم تره من مده.
الأمر الذي استنتجه الرجل وخرج لهما وهو يضحك من شدة الفرح ثم عانقهما وفتح الرجل الغريف ليقتسمه.
مما سبق سنجد معظم حكايات الأدب الشعبي وقصص التراث الثقافي تنقل كثير من المبادئ والقيم تتعلم منها مختلف الأعمار في مختلف الأزمان.