بحضور أميرها الجديد: الكويت تودع أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح

ودعت الكويت صباح اليوم الأحد، أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بحضور رسمي ، حيث أقيمت صلاة الجنازة على الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بمسجد بلال بن رباح بمنطقة الصديق، وذلك بحضور أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ورئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الصباح ولفيبحضور أميرها الجديد: الكويت تودع أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح من أسرة آل صباح ورجال الدولة بالكويت.
ويذكر أنّ الشيخ نواف يعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد منذ أن نالت استقلالها عام 1962، وكان الديوان الأميري الكويتي، قد أعلن أمس السبت، عن وفاة أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح عن 86 عاماً.
وقال الديوان الأميري في بيان: “ببالغ الحزن والأسى، ننعى إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة وفاة المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الذي انتقل إلى جوار ربه ظهر اليوم السبت”.
وكان أمير الكويت قد دخل المستشفى في نوفمبر الماضي، إثر وعكة صحية طارئة لتلقي العلاج اللازم وإجراء فحوصات طبية، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وفي أعقاب ذلك أعلن مجلس الوزراء تعيين ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميراً للبلاد.
من هو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح؟
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح هو الأمير السادس عشر لدولة الكويت، والسادس منذ استقلال البلاد عن بريطانيا.
وهو الأخ غير الشقيق لأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والابن السادس لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح (الذي حكم الكويت بين عامي 1921-1950).
تولي الشيخ نواف منصب ولي العهد على مدى 14 عاما، إذ أصدر الأمير الراحل الشيخ صباح قراراً بتزكيته في السابع من فبراير/ شباط 2006، أي بعد أسبوع من تولي الأمير الحكم، وبايعه أعضاء مجلس الأمة في جلسة خاصة حسبما ينص دستور البلاد.
مولده ونشأته وزواجه
ولد الشيخ نواف في 25 يونيو عام 1937 في فريج الشيوخ (موقع مجمع المثني حالياً) بمدينة الكويت، بحسب ما جاء على الموقع الرسمي لديوان ولي العهد، ونشأ وترعرع في “قصر دسمان”، الذي كان بيت الحكم في عهد والده الأمير أحمد الجابر، وتلقى تعليمه في المدارس النظامية بالكويت، ومن بينها المدرسة المباركية.
تزوج الشيخ نواف من السيدة شريفة سليمان الجاسم الغانم في خمسينيات القرن العشرين، وله أربعة أبناء وبنت واحدة.
المناصب التي وصل إليها في حياته
تقلد الشيخ نواف مناصب سياسية ووزارية عدة، بداية من عمله محافظا لحولّى منذ عام 1962 ولستة عشر عاماً، ثم وزيراً للداخلية عام 1978.
في 1988، تولى وزارة الدفاع، وقادها خلال أشهر الغزو العراقي السبعة، والتي انتهت بتدخل الولايات المتحدة على رأس تحالف عسكري في حرب الخليج الثانية عام 1991.
وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، كُلف الشيخ نواف بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم أصبح نائبا لرئيس الحرس الوطني في 1994، قبل أن يتولى منصب وزير الداخلية من جديد عام 2003، إلى أن اصبح ولياً للعهد في 2006.
الظروف التي رافقت توليه إمارة الكويت
تولى الشيخ نواف إمارة البلاد إثر وفاة الشيخ صباح الأحمد، الذي ترك بصمة واضحة في الداخل، كما كان له دور كبير على صعيد السياسة الخارجية، حيث لعب دور الوساطة في العديد من الأزمات الإقليمية، ولقب بـ”شيخ الدبلوماسيين العرب”، و”عميد الدبلوماسية العربية والكويتية”.
أُسندت الإمارة إلى الشيخ نواف في 29 سبتمبر/أيلول 2020، وأدى اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة (البرلمان) في اليوم التالي.
وقد تولى الشيخ الإمارة في ظروف صعبة كانت تشهدها منطقة الخليج، فقد كانت الأزمة الخليجية مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، والكويت وسلطنة عمان لم تنضما إلى السعودية والبحرين والإمارات في مقاطعة قطر، كذلك لم تنضم الكويت إلى البحرين والإمارات في التطبيع مع إسرائيل. إضافة إلى أن توليه للمنصب جاء بينما كانت تشهد العلاقات بين السعودية وإيران توترا متصاعدا.
التحديات الداخلية التي واجهها في بداية حكمه
كانت تواجه الأمير تحديات كبيرة، من بينها محاربة الفساد، والخلافات المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة، ومواجهة أزمة وباء كورونا، فضلا عن إيجاد حلول لأزمة العجز في الميزانية، واختيار ولي جديد للعهد، والمطالبات بالعفو عن المتورطين في حادثة اقتحام مجلس الأمة و”خلية العبدلي” التي أدينت في عام 2017 بالعمل لصالح إيران وحزب الله.
بعد نحو أسبوع من توليه الإمارة، أنهى الشيخ نواف التكهنات بشأن ولاية العهد، حيث أصدر مرسوماً يقضي بتسمية الشيخ مشعل الأحمد الصباح وليا للعهد، وهو الأخ غير الشقيق للشيخ نواف والشيخ صباح.
على صعيد السياسة الخارجية، واصل الشيخ نواف نهج سلفه الشيخ صباح، حيث نجحت جهود الوساطة التي كان قد بدأها الأخير في المساعدة في حل الأزمة الخليجية وإنهاء مقاطعة قطر من قبل الثلاثي الخليجي (السعودية والإمارات والبحرين) بالإضافة إلى مصر، بعد التوقيع على اتفاق العلا الذي أنهى الأزمة في مطلع عام 2021.
التحديات الداخلية
لكن الأمير الجديد واجه تحديات كبيرة على الجبهة الداخلية، إذ لم يمض شهران على توليه الإمارة حتى أجريت انتخابات اكتسحت فيها المعارضة المقاعد النيابية وفازت بأغلبية 31 مقعدا مقابل 19 مقعدا مواليا للحكومة. وقد اعتُبرت نتائج الانتخابات تعبيرا عن غضب شعبي إزاء أداء الحكومة في مواجهة أزمة كورونا.
كما استقالت الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح مرتين خلال عام 2021، بسبب خلافات مع مجلس النواب.
وشهد العام الأول لولاية الأمير نواف محاسبة مسؤولين كبار متورطين في قضايا فساد، حيث احتجز رئيس مجلس الوزراء السابق جابر المبارك الصباح، ووزير الخارجية السابق الشيخ خالد الجراح الصباح، على خلفية اتهامهما بالتورط في اختلاسات ما يعرف بـ”صندوق الجيش”، كما تواصل احتجاز مدير إدارة الجنسية والجوازات السابق، مازن الجراح، بعد اتهامه بالتورط في الإتجار بالبشر.
انجازاته الداخلية
ركّز الشيخ نواف جهوده على إيفاد البعثات إلى الدول الصناعية العسكرية للتدرب على قيادة الطائرات العسكرية وكافة أنواع الأسلحة والمدرعات والمدافع التي يستخدمها الجيش الكويتي.
وأصرّ أيضاً على تضمين عقود شراء الأسلحة بنوداً، تنص على تدريب العسكريين الكويتيين عليها وصيانتها، وفتح المجال واسعا لانخراط أبناء الكويت في السلك العسكري وإعطائهم الكثير من الامتيازات.
لماذا سمي أمير العفو
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، أصدر الشيخ نواف مرسومين أميرييين بالعفو عن مواطنين ونواب سابقين بالبرلمان. وتضمن العفو إنهاء عقوبة 11 شخصا وتخفيفها لـ 24 آخرين كانوا مدانين في قضيتي اقتحام مجلس الأمة عام 2011 و”خلية العبدلي” التي أدينت في عام 2017 بالعمل لصالح إيران وحزب الله.
واعتبر ذلك ثمرة للحوار الوطني الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والذي دعا إليه الشيخ نواف لإيجاد حل للأزمة المستمرة بين الحكومة ومجلس النواب.
ولاقى العفو ترحيباً كبيراً في الأوساط السياسية والإعلامية الكويتية، التي أشادت به بوصفه بداية لمرحلة جديدة من العمل السياسي والوحدة الوطنية.
ومع وفاة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، تتجه الأنظار إلى دولة الكويت، وبالتحديد إلى أميرها الجديد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، على أمل أمل أن يكمل ما بدأه سلفه من مصالحات وحل للمشكلات العربية.