محور فيلادلفيا قد يشعل حرب بين مصر وجيش الإحتلال الإسرائيلي

واصل جيش الإحتلال الإسرائيلي قصفه المستمر منذ 7 أكتوبر الماضي، على مدن جنوب قطاع غزة ومن ضمنها خان يونس ومدينة رفح الفلسطينية، في دليل واضح على أن الجيش الإسرائيلي يمهد لتوسيع نطاق عملياته بإتجاه مدن جنوب غزة.
فماهي التطورات التي حصلت على محور الحدود المصرية مع قطاع غزة؟ وما هو محور فيلادلفيا؟
هجوم غير عادي على محور فيلادلفيا
نتيجة لاستمرار العمليات الإسرائيلية البريّة على مناطق قطاع غزة بالكامل، خاصة بالشمال والوسط، استمر تدفق النازحين الفلسطينيين نحو الجنوب بأوامر إسرائيلية، ومع استمرار العمليات العسكرية حدث تطور خطير على ذلك المحور، حيث استهدفت الضربات الجوية الخط الحدودي الفاصل بين مصر وغزة.
وفي سياق متصل أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، منذ يومين، عن هجوم “غير عادي” يشنه جيش الاحتلال على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، بنية السيطرة على محور فيلادلفيا وبزعم تدمير الأنفاق التي تستخدم لتهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية.
وذكرت مواقع إلكترونية إسرائيلية، أنّ قوات الجيش الإسرائيلي نفذت هجوماً كبيراً على منازل الخط الأول في مدينة رفح، أمام الحدود بين مصر وغزة.
وقال إليور ليفي مراسل قناة “كان 11” الإسرائيلية، إنه جرى تنفيذ هجوم ضد نشطاء حماس الذين يديرون أنفاق التهريب أسفل محور فيلادلفيا المؤدي إلى رفح المصرية.
التوتر بين مصر وإسرائيل
ونتيجة للقصف الإسرائيلي على محور فيلادلفيا تحدثت تقارير إقليمية ودولية أن مصر قد تدخل في مناوشة عسكرية ضد جيش الاحتلال، وأن الوضع بات أكثر توترًا من الماضي، مؤكدةً أن القاهرة حاليًا باتت مستعدة في الدخول في حرب مع الاحتلال.
وتأكيداً لهذه التقارير قال موقع ” kikar” الإخباري الإسرائيلي، إن الدبابات المصرية تقف حاليًا على الحدود لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية الساعية لإجبار سكان قطاع غزة على اقتحام معبر رفح المصري والدخول إلى الحدود المصرية.
وتحت عنوان “الدبابات المصرية تقف على الحدود: استعدادا لسيناريو اقتحام لآلاف من سكان غزة لمعبر رفح”، قال الموقع إن المصريين بدأوا الاستعداد لسيناريو الذعر الذي سيحاول فيه الآلاف من سكان غزة اختراق السياج الحدودي إلى مصر بسبب الوضع الإنساني المأساوي داخل القطاع جراء الحرب الجارية حاليا.
ونقل الموقع العبري تصريحات لمصدر مصري لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن الجيش المصري نشر بالفعل دبابات وآليات عسكرية، ووضع كثبانا رملية لمنع الهجرة القسرية لسكان غزة إلى داخل البلاد
التعليقات الرسمية المصرية على الإعتداء على محور فيلادلفيا
نشر عضو مجلس النواب والإعلامي المصري مصطفى بكري عبر حسابه على منصة “إكس” أن الجيش الإسرائيلي يشن هجوما بطول الحدود المصرية الفلسطينية على محور فيلادلفيا بزعم تدمير الأنفاق بين مصر وغزة.
وتابع بكري في تغريدته “هذا تطور خطير قد يدفع إلى انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل، الضربات على بعد أمتار قليلة من الحدود المصرية، العدو يتمادى في مخططاته. حدود مصر خط أحمر”.
ونقلت وسائل اعلام عربية عن مصدر عسكري مصري قوله: “الجهات المعنية المصرية تقوم بواجبها على أكمل وجه خاصة في منع تسلل أي مواد محظورة إلى داخل القطاع”.
وأضاف المصدر أن السلطات المصرية قامت بهدم وتدمير جميع الأنفاق التي كانت تُستخدم للتهريب من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية، وأن أي حديث إسرائيلي عن استخدام قادة المقاومة للخط الحدودي لتنفيذ عمليات وتهريب أسلحة للداخل، غير صحيح وغير موجود.
وتابع المصدر العسكري أن القاهرة أبلغت وفد الاستخبارات الإسرائيلي الذي زار مصر قبل أيام، رفضها وجود أي قوات إسرائيلية بمحور “صلاح الدين-فيلادلفيا” المتاخم للحدود المصرية مع قطاع غزة بطول 14 كيلومترا.
هذا الهجوم ليس الأول من نوعه
يذكر أن الهجوم الذي تشنه قوات الاحتلال على المنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر وغزة، ليس الأول من نوعه، حيث قصفت قوات الإحتلال الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدانة دبابة برج مراقبة مصري واعلنت فيما بعد انّ القصف حدث عن طريق “الخطأ” قرب معبر العوجة الحدودي، وحذرت مصر وقتها سلطات الاحتلال من تنفيذ عمليات عسكرية بالمنطقة العازلة المعروفة بمحور “صلاح الدين-فيلادلفيا”.
وبعد تلك الحادثة بقيت الأمور مستقرة على ذلك المحور، إلى أن ارتفعت وتيرة الهجمات العسكرية على جنوب القطاع قبل أيام ، وذلك بعد زيارة وفد استخباراتي إسرائيلي للقاهرة للمفاوضة حول زيادة الدعم الإنساني والإغاثي للقطاع.
نوايا إسرائيلية للسيطرة على محور فيلادلفيا
كشف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن “خطته لمستقبل غزة” بعد الحرب التي يشنها على القطاع، متحدثًا عن نية السيطرة على محور فيلادلفيا الفاصل بين غزة والحدود المصرية.
وأكّد نتنياهو أنه لا ينوي فقط السيطرة مرة أخرى على محور فيلادلفيا، بل على جميع المعابر البرية أيضًا.
ويضاف إلى ذلك اعتزامه إنشاء منطقة عازلة بين قطاع غزة وغلافه ضمن خطته “لمستقبل غزة”، في حال تمكن الاحتلال من تحقيق أهدافه بـ”توجيه ضربة قاضية لحركة حماس”.
وبحسب موقع “يسرائيل هيوم”، فقد ناقش رئيس حكومة الاحتلال تلك الخطة منذ أيام في لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست.
ما هو محور فيلادلفيا؟
يُعرف طريق أو محور فيلادلفيا أيضًا باسم محور “صلاح الدين”، وقد أنشئ المحور في العام 2005 بموجب اتفاق مصري إسرائيلي أُطلق عليه اسم “اتفاق فيلادلفيا”، والذي كان هدفه وقف عمليات التهريب وتدمير الأنفاق الفلسطينية الممتدة من المنطقة الخاضعة لسيطرة الفلسطينيين إلى سيناء.
ومحور فيلادلفيا عبارة عن شريط ضيق بين مصر وغزة يبلغ طوله 14 كيلو مترًا، من البحر الأبيض المتوسط غربًا وحتى معبر كرم أبو سالم شرقًا، إذ سيطرت حركة حماس عليه العام 2007 عقب أحداث الانقسام الفلسطيني بغزة.
وجاء الانسحاب الإسرائيلي من المحور الذي يعتبر استراتيجياً من الناحية الأمنية والجغرافية لإتمام عملية الانسحاب من قطاع غزة، وهو الأمر الذي قوبل برفض بعض الأوساط الإسرائيلية لأسباب إستراتيجية وأمنية تتمثل في تسليح غزة وتهديد ذلك على أمن إسرائيل.
وبالرغم من تلك المعارضة؛ إلا أن الحكومة الإسرائيلية في حينها أكملت انسحابها من المحور من أجل منع الاحتكاك بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة، ووقعت الاتفاق مع القاهرة.
بنود اتفاق فيلادلفيا
بحسب اتفاق فيلادلفيا الموقع بين إسرائيل ومصر، يُسمح للأخيرة نشر 750 من حرس الحدود على امتداد الطريق لحراسة ذلك الشريط.
ونص الإتفاق على أن “القوات المصرية هي قوة مخصصة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود وليست قوة عسكرية”.
وينص أيضًا على أن “هذه الاتفاقية لا تلغي أو تعدل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، مع الإبقاء على حالة المحور وصحراء سيناء كمناطق منزوعة السلاح”.
ويحتوي الاتفاق على 83 بندًا، ويصف على وجه التحديد البعثة والتزامات الأطراف، بما في ذلك أنواع معينة من الآلات والأسلحة المسموح بها والبنية التحتية.
ومنذ 2013، عملت مصر على تعزيز قواتها على الحدود مع قطاع غزة، وعملت على إغلاق جميع الأنفاق الواقعة بالمنطقة الحدودية بين الجانبين، الأمر الذي أدى لإنهاء تلك الظاهرة والقضاء عليها بشكل نهائي.
ورغم وجود اتفاقات ومعاهدات بين مصر والكيان الإسرائيلي إلا أن كل هذه التعهدات لم تمنع جيش الإحتلال الإسرائيلي من الإعتداء على محور فيلادلفيا، الواقع على الحدود المصرية ـ الفلسطينية، ما يؤكد أن الكيان الإسرائيلي لا يلتزم بأي تعهدات دولية، حتى وإن كان هو طرفاً فيها.