أمريكا الأرض الجديدة: من وصل أولً؟

جاء مستكشفو الأرض الجديدة، أو ما يسمى اليوم بأمريكا، برًا و بحرًا حاملين معهم جينات وتقنيات ولغات جديدة، البعض بقي واستكشف وبنى امبراطوريات، بينما عاد آخرون إلى منازلهم تاركين خلفهم آثار وجودهم.
فإليكم بعض الحقائق حول مستكشف الأمريكيتين:
كريستوفر كولومبوس و أمريكا 1492م:
استوطنت الأمريكيتين منذ عشرات آلاف السنين، ولم يكن كولومبوس أول شخص يكتشف القارة، بل كان اكتشافه هو الأخير من بين العديد من الاكتشافات، فكيف تم ذلك؟
اعتقد الأوربيون أن الإبحار غربًا من أوربا إلى آسيا أمرًا مستحيلًا، لذلك أبحروا جنوبًا على طول ساحل غرب إفريقيا وحول رأس الرجاء الصالح، إلا أن كولومبوس آثر الإبحار غربًا عبر المحيط الأطلسي بدلًا من الإبحار حول القارة الإفريقية الضخمة.
أخطأ كولومبوس في حساباته لمحيط الأرض، إذ قدره أصغر بكثير مما هو عليه، وبناءً على ذلك، أبحر وطاقمه في 3 أغسطس 1492 دون إمدادات كافية للوصول إلى آسيا.
وصلت سفنه اليابسة في 12 أكتوبر، وصل إلى الأمريكتين، معتقدًا أنه وجد جزر الهند الشرقية.
جعل كولومبوس أمريكا معروفة للأوربيين الذين غزوها لاحقًا، لكنه لم يكتشفها.
مات كولومبوس ولم يدرك خطأه، إلا أن الملاح أميريجو فسبوتشي أدرك أن كولومبوس عثر على أرض مجهولة، وسميت هذه القارات باسمه، و كان أول شخص يعترف بأمريكا الشمالية والجنوبية كقارتين متميزتين لم تكن معروفة للأوروبيين والآسيويين و الأفارقه.
البولينيزيين 1200م:
يعد البولينيزيون بحارة خبراء، وتشير الدراسات إلى وجودهم في الأمريكيتين قبل كولومبوس بقرون.
أبحر البولينيزيون بدون بوصلة أو أدوات بحرية أخرى، معتمدين في رحلتهم على قراءة النجوم والأمواج والتيارات والسحب ورحلات الطيور البحرية.
تمكنوا من عبور المحيط الهادي، من هاواي شمالًا إلى جزيرة إيستر في الجنوب الشرقي، ومنها إلى نيوزيلندا في المحيط الهادي.
وأشارت الأدلة على وصولهم إلى البر الرئيسي لأمريكا الجنوبية وربما الشمالية أيضًا، وذلك قبل وصول كولومبوس إليها بوقتٍ طويل.
أكد كلًا من ماركيز هانالي مارزان “المستشار الثقافي في متحف بيشوب في هونولولو”، وبيتر فيتوسيك “عالم الأحياء بجامعة ستانفورد” وصول البولينيزيون إلى اليابسة في أمريكا الجنوبية باحتمال 99.999%.
تدعم الأدلة الجينية هذا التأكيد وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 م، إذ يحمل البولينيزيون من جزر متعددة كمية صغيرة من الحمض النووي للسكان الأصليين في أمريكا الجنوبية.
وعثر علماء الآثار على بقايا القرع والبطاطا الحلوة في مواقع بولينيزية، وكلاهما من نباتات أمريكا الجنوبية، بالإضافة إلى نتائج تحليل الجماجم في جزيرة تشيلية والتي تشير إلى أنها بولينيزية.
ليف إريكسون 1021م:
تألق المستكشف الاسكندنافي ليف إريكسون ابن إريك الأحمر في القرن الحادي عشر، ولقب باسم ليف المحظوظ، إذ يعتقد بأنه أول أوربي يصل إلى شواطئ أمريكا الشمالية.
أبحر ليف من جرينلاند “أكبر جزيرة في العالم شمال المحيط الأطلسي” إلى النرويج ليخدم بين الخدم في البلاط لدى أولاف تريجفاسون الأول ملك الفايكنج في النرويج، الذي حوله إلى المسيحية وكلفه بنشر هذا الدين في جرينلاند.
عاد ليف إلى جرينلاند عام 1000م، وأثناء عودته، انحرف ليف عن مساره ووصل قارة أمريكا الشمالية الغنية بالأخشاب والعنب لذلك أطلق عليها فينلاند (أرض النبيذ).
جهز ليف رحلته الاستكشافية إلى الأرض الجديدة بعد وقت قصير من عام 1000م، وأطلق على المناطق الجديدة تسميات وفقًا لخصائصها: هيلولاند (أرض الصخور المسطحة)، وماركلاند (أرض الغابات).
وكانت بقايا منازلهم دليل مادي على وجودهم هناك.
مقالات قد تهمك: كهف-البلورات-دومينا-نايكا
هجرات أخرى:
تميز القطب الشمالي بالعديد من الثقافات المتميزة، والتي تعود إلى تقاليد باليو_إسكيمو.
جاء السقاق بدايةً وهم أشخاص عاشوا في مخيمات وطاردوا الوعل والفقمات منذ حوالي 4000 عام.
ثم جاء الدورست صيادو الفظ الذين مرت ثقافتهم بثلاث مراحل متميزة منذ 2800 عام.
وأخيرًا الثول أسلاف الإنويت المعاصرين الذين أبحروا في قوارب جلدية واصطادوا الحيتان منذ 1000عام.
ماهي العلاقة بين هذه الثقافات، وهل كانوا ينتمون إلى شعب واحد أم مجموعات مختلفة؟
هل كانوا يمثلون هجرة واحدة إلى الأمريكيتين من العالم القديم أم موجات متعددة؟
كل هذه التساؤلات كانت قيد الدراسة والبحث من قبل فريق معتمد من جامعة كوبنهاغن، إذ تم فحص عينات من العظام والأسنان والشعر ل 169 إنسان من فترات زمنية مختلفة للقطب الشمالي، وتابع فريق العمل التسلسل الجيني للإنويت الحاليين والأمريكيين الأصليين.
وتبين بعد مقارنة البيانات الوراثية القديمة والحديثة، أن ثقافتي السقاق ودورست تنتميان إلى أحد شعوب الإسكيمو القديم الذي استمرت نسبه الوراثية في المنطقة لأكثر من 4000 عام (3000 ق.م إلى 1300م) وهذا يتعارض مع النظريات السابقة القائلة جاءت الثقافات المتنوعة من شعوب مختلفة.
بينما يختلف الاسكيمو باليو وراثيًا عن الأمريكيين الأصليين في أمريكا و الإنويت، مما يعني أنهم يمثلون نبضة منفصلة لاحقة للهجرة إلى العالم الجديد.
وهذا يرجح وصول البشر إلى الأميركتين على أربع موجات (الهنود الحمر، الأمريكيون الأصليون نا-ديني، الأسكيمو باليو، الأسكيمو الجدد ثول) وليس ثلاث موجات كما كان يعتقد.
الأمريكيون الأوائل 16000_35000 سنة
تتحدث جميع قبائل الأمريكيين الأصليين نفس اللغة تقريبًا، مما يدل تطور لغاتهم من لغة مشتركة تحدثت بها قبيلة واحدة دخلت إلى الأمريكيتين منذ فترة طويلة، كيف وصلوا إلى هناك؟
سار شعب أمريكا الأوائل من روسيا إلى ألاسكا، عابرين جسر بيرينغ البري الذي نشأ نتيجة؛ انخفاض مستويات سطح البحر.
أعتقد بعض الباحثين أن شعب كلوفيس الذي عاش قبل 13 ألف سنة، كان أول المستوطنين في أمريكا، بينما قدم آخرون بيانات تفيد بأن الأمريكيتين كانت مأهولة بالسكان من قبل، إذ أنهم وجدوا في كهف في ولاية أوريغون فضلات بشرية متحجرة تم تحديدها من خلال تحليل الحمض النووي.
ويعود تاريخ آثار الأقدام في نيو مكسيكو إلى 23000 سنة مضت، بينما تعود الأدوات الحجرية الموجودة في كهف مكسيكي إلى ما قبل 32000عام.
تكشف الأدلة الجينية قصة الأمريكيين الأصليين الأوائل إذ تشير إلى أن البشر دخلوا القارة في موجة هجرة واحدة وربما وصلوا قبل أكثر من 20 ألف سنة.
وتدل الاكتشافات الأثرية في ألاسكا إلى وجود سكان أمريكيين أصليين أطلق عليهم اسم (البيرنجيون القدماء)، وأكدت التحليلات أنهم كانوا فرعًا من نفس مجموعة السكان الأصليين، مثل مجموعات الأمريكيين الشماليين والجنوبين.
ختامًا؛ لايزال الجدل قائم حول من اكتشف أمريكا قبل كريستوفر كولومبوس، إلا أنه لاشك في أن القارة كانت موطنًا لأعظم المستكشفين في التاريخ، من الأوربين إلى الفايكنج ثم البولينيزيين، الذين عبروا مسافات شاسعة بحثًا عن أرض جديدة.
3 تعليقات