مطار غزة الدولي…. حلم من أحلام الفلسطينيين… التي لم تكتمل
هل تعلم عزيزي القارئ أن غزة كانت في يوم من الأيام تمتلك مطار دولي وكان لسكانها حياة طبيعية مثلهم مثل باقي سكان العالم، وذلك قبل أن يقرر الإسرائيليون اقامة دولة اسرائيلية في قلب الوطن العربي وبالذات قبل أن تبدأ الإعتداءات الإسرائيلية عليها فدعونا نعرف ما قصة إنشاء المطار ولماذا تم اغلاقه؟
نشأة المطار:
فكرة مطار غزة الدولي برزت في عام 1990 مع انطلاق عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وتم الاتفاق عليه بين الجانبين في أعقاب إبرام أوسلو 1 في عام 1993، فيما وضع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حجر أساسه في 20 يناير عام 1996.
يقع مطار غزة الدولي في قطاع غزة في رفح بالقرب من الحدود المصرية، وتعود ملكية وإدارة المطار إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، وقد كان المطار قادرًا على نقل 700 ألف مسافر سنويًا وكان يعمل 24 ساعة يوميًا على 354 يوما في السنة وهو المطار الوحيد في الأراضي التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية.
ارتفاع مطار غزة الدولي عن سطح البحر يبلغ 320 قدما (98 مترا)، ويبلغ طول مدرجه 3.076 متر، ويوجد في المطار 19 مبنى، المبنى الرئيسي في المطار مساحته 4000 متر مربع مصمم وفق العمارة الإسلامية ومزخرف بالقرميد المغربي وطاقم موظفي المطار يضم 400 شخص.
ويذكر أنه افتتح مطار غزة الدولي في عام 1998 بعد مفاوضات طويلة مع إسرائيل، لكن المطار توقف عن العمل في ديسمبر 2001 بعد أن ألحق الجيش الإسرائيلي به دمارًا فادحًا.
تمويل المطار:
أنشئ مطار غزة الدولي بتمويل من مصر واليابان والسعودية وإسبانيا وألمانيا، وقد تم تصميمه على يد معماريين من المملكة المغربية ليكون على شاكلة مطار الدار البيضاء، وقد تم تمويل المهندسين على نفقة العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني.
والتكلفة الإجمالية لمطار غزة الدولي بلغت 86 مليون دولار، وبعد بنائه بعام تم افتتاحه في 24 نوفمبر 1998 في احتفال حضره الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وزعيم جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا.
والجدير بالذكر أنه بُني مطار غزة الدولي بتصميم يشبه إلى حد كبير مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء بالمغرب، وأقرب مطار إليه مطار العريش الدولي في مصر.
افتتاح مطار غزة الدولي:
افتتح مطار غزة الدولي في يوم 24 نوفمبر1998، وذلك خلال احتفال حضره الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون وزعيم جنوب إفريقيا الراحل نيلسون مانديلا وذلك وسط احتفالات قام بها الفلسطينيون دليلاً على فرحهم بافتتاح مطار لهم ويقع تحت سيادة السلطة الفلسطينية ، والذي عُد في ذلك الوقت دليلاً على التقدم نحو تكوين الدولة الفلسطينية.
رمزية مطار غزة الدولي:
كان مطار غزة الدولي يعد مؤسسة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للفلسطينيين، بالإضافة إلى أهميته السياسية فهو يُعتبر رمزًا من رموز السيادة الوطنية الفلسطينية، وله أهمية اقتصادية تمثلت في تشجيع التجارة والسياحة وإنشاء المصانع، وأخرى اجتماعية تتمثل في حرية التنقل والسفر للفلسطيني كيفما ووقتما شاء، وذلك حق مكفول، أن يكون له مطار ومعابر يتنقل لدول العالم ويعود، دون عراقيل مثله مثل أي مواطن في العالم.
وقد استخدم مطار غزة الدولي لنقل الحجاج والمعتمرين، للمملكة العربية السعودية، وفتح خطوط ملاحة مع الأردن، والمغرب، والإمارات، وتركيا، وقبرص الرومية، والسعودية، وكان به طائرة رومانية وأخرى مغربية تأتي وتذهب يومياً.
ويعتبر الفلسطينيون أنهم بنوا المطار بأرواحهم ودمائهم، ويشعرون بالأسى على وضع المطار فقد حوله الإسرائيليون بعد تدميره إلى مكب نفايات في رسالة للفلسطينيين أنهم سيحولون أحلامهم إلى رماد.
الخلاف على اسم مطار غزة:
مثلما كان إنشاء مطار غزة الدولي محط جدل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كذلك كان اسمه محط جدل حيث لم يتم الإتفاق على اسمه فالإسرائيليون يسمونه مطار الدهنية، أما الفلسطينيون فيسمونه مطار غزة الدولي ولاحقاً بعد وفاة ياسر عرفات أطلقوا عليه اسم مطار ياسر عرفات.
لم يكن الأول من نوعه:
تجدر الإشارة إلى أن مطار غزة الدولي الذي افتتح عام1998، لم يكن الأول من نوعه في القطاع، فالوثائق التاريخية تذكر أن البريطانيين كانوا قد بنوا أول مطار عسكري في غزة في عام 1941 في إطار استعدادهم لمواجهة الألمان في شمال إفريقيا، وكان يبعد 15 كيلو متراً عن المطار الجديد الذي لم يدم طويلا، وقد نقل البريطانيون عن طريق ذلك المطار في عامي 1942 – 1943 الذخائر والتموين إلى الوحدات العسكرية المتمركزة في الصحراء الغربية.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، نفذت عدة رحلات شحن على قبرص ولندن انطلاقا من مطار غزة، وفي عام 1948 عندما رحل البريطانيون عن فلسطين توقف المطار عن العمل وأصبح مهجوراً وغطته الرمال.
تدمير مطار غزة :
في ديسمبر/كانون أول 2001، دمر الجيش الإسرائيلي محطة الرادار بمطار غزة والمدرج لكن ساحته لم تتعرض لدمار بالغ آنذاك.
وفي يناير/كانون ثان 2002، قامت الجرافات الإسرائيلية بتمزيق المدرج إلى أجزاء فتدمر بذلك المطار.
وأثناء حرب لبنان في صيف 2006 قصفت إسرائيل المبنى الأساسي، وحوّلته إلى أكوام من الدمار، إلى أن تلاشت معالمه.
وبعد تدميره تقدمت وفود الدول العربية بشكوى لدى منظمة الطيران المدني الدولية (ICAO) وأُحيل الموضوع إلي مجلس المنظمة، وقامت الوفود العربية في المجلس(السعودية، مصر، الجزائر ،ولبنان) بطرح القضية وفق نصوص المعاهدات والقانون الدولي.
وبعد مداولات مطولة، استخدم الوفد الأمريكي كل الوسائل للحيلولة دون إدانة إسرائيل، من قبل المجلس.
ولكن المجلس تحت إصرار الوفود العربية لجأ إلي التصويت، وكانت النتيجة إدانة إسرائيل التي دمرت مطارا مدنيا، وأجهزة ملاحية، يستخدم للأغراض المدنية فقط.
وكلف رئيس المجلس والأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة تنفيذ القرار، لكن دون أن يتم تنفيذ شيء على أرض الواقع، ليظل إغلاق المطار مستمرًا، وظلّت حجارته شاهدًا على حُلم فلسطيني لم يكتمل.
وفي الختام وبالرغم من محاولة الإحتلال الإسرائيلي قتل وتدمير كل حلم بتحرير فلسطين إلا أن إرادة الحياة وقوة وصبر الشعب الفلسطيني ستظل عصية على القتل رغم كل محاولات الإسرائيليين وحلفائهم في قهر الشعب الفلسطيني البطل.