الإحتلال الإسرائيلي يستخدم سياسة كم الأفواه على أصولها
استمرار استهداف المزيد من الصحفيين الفلسطينيين

تستمر قوات الإحتلال الإسرائيلي في قصف وتدمير البشر والحجر في قطاع غزة المحاصر، وكان أبرز استهداف في الساعات القليلة الماضية هو استهداف قوات الإحتلال الإسرائيلي لسيارة تقل صحفيين كانت متوجهة من مدينة خان يونس إلى مدينة رفح، بغارة جوية عن طريق طائرة مسيرة، ما تسبب بمقتل صحفيين اثنين هما: حمزة وائل الدحدوح 27 عاماً وهو صحفي ومصور لدى شبكة الجزيرة، والصحفي المستقل مصطفى ثريا.
وأكد مراسل الجزيرة هشام زقوت أن حمزة ومجموعة من الصحفيين كانوا في طريقهم إلى منطقة ميراج شمال شرق رفح، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي “منطقة إنسانية”، لكن هناك أنباء تفيد بأنها تعرضت للقصف في الفترة الأخيرة.
ونتيجة لذلك اتجه العديد من النازحين الفلسطينيين إلى تلك المنطقة هرباً من القصف في مناطق أخرى من غزة. وكان الصحفي حمزة ينوي إعداد تقارير صحفية عن الأوضاع في المنطقة بعد القصف الإسرائيلي هناك، وفقاً لما ذكرته قناة الجزيرة.
وفي سياق متصل بثت الجزيرة مقطع فيديو يظهر آثار القصف الذي تعرضت له السيارة التي كانت تقل طاقم العمل أثناء التوجه إلى مدينة رفح.
الصحفي وائل الدحدوح
وقد نال الصحفي وائل الدحدوح الذي يدير مكتب قناة الجزيرة في قطاع غزة شهرة كبيرة خلال الحرب الدائرة في القطاع، منذ السابع من اكتوبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك بعد أن علم خلال بث مباشر الشهر الماضي أن زوجته وابناً آخر وابنته وحفيده قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية، حيث ذهب لتغطية آثار الغارة ليتفاجأ بوجودهم بين الضحايا جراء انفجار بالمنزل الذي كانوا يحتمون به في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة.
ولم يلبث أن خرج من تلك الفاجعة، حتى جاءه خبر مقتل ابنه الصحفي حمزة وائل الدحدوح جراء استهداف اسرائيل لسيارته.
والجدير بالذكر أن وائل نفسه أصيب وقتل المصور سامر أبو دقة الذي كان يعمل معه في غارات جوية إسرائيلية أخرى أثناء تغطية ما يحدث في غزة الشهر الماضي، ورغم الإصابة، استمر الدحدوح في تغطية حرب غزة.
أما ابنه حمزة الدحدوح فيتابعه مليون متابع على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام. وفي اخر منشور له وجه خطاباً لأبيه قائلا: “أنت صامد وصبور فلا تيأس من رحمة الله وتأكد أنه سوف يجزيك”.
توديع الصحفي حمزة الدحدوح
وفي سياق تغطيتها للحدث، عرضت قناة الجزيرة فيديو لوائل الدحدوح وهو يبكي أثناء وقوفه بجوار جثمان ابنه في المشرحة في خانيونس.
وقال وائل أثناء جنازة ابنه: “لم يكن حمزة مجرد جزء مني، لقد كان أنا بمعنى الكلمة. لقد كان روح روحي. هذه هي دموع الحزن والخسارة. هذه هي دموع الإنسانية”.
وأضاف: “أطالب العالم بأن ينظر عن كثب إلى ما يحدث في غزة”.
وقال الدحدوح خلال مقابلة مباشرة على قناة الجزيرة، الأحد: “ليس هناك ما هو أكثر إيلاما من فقدان دمك وخاصة ابنك الأكبر. حمزة كان أنا، ورفيق روحي وكل شيء”. وأضاف: “نعم نبكي ونبكي، لكن هذه دموع الإنسانية، دموع الكرم والشهامة، ولكن هذه ليست دموع الخوف”.
وتحدث الدحدوح خلال تشييع جثمان نجله، الأحد، قائلا إنه يتمنى أن تكون وفاة حمزة هي الأخيرة.
وأضاف في مقطع فيديو بثته قناة الجزيرة: “أتمنى أن تكون دماء ابني آخر من يقُتل من الصحفيين ومن يقُتلوا في هذه المجزرة”.
استهداف الصحفيين الفلسطينيين بالتحديد
وفي وقت سابق أعلنت لجنة حماية الصحفيين، التي تعمل على تعزيز حرية الصحافة في أنحاء العالم، أن 77 صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام قتلوا في غزة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و31 ديسمبر/كانون الأول 2023، من بينهم 70 فلسطينيا، وأربعة إسرائيليون وثلاثة لبنانيون.
وقالت اللجنة قبل وفاة الصحفي حمزة وائل الدحدوح والصحفي المستقل مصطفى ثريا، إن عدد الصحفيين الذين قُتلوا في الأسابيع العشرة الأولى من الحرب بين إسرائيل وغزة، يفوق عدد الصحفيين الذين قُتلوا في دولة واحدة خلال عام كامل.
وكان من أبرز الصحفيين الذين قُتلوا وهم يغطون الصراع الصحفي عصام العبد الله الذي كان مراسلاً لوكالة رويترز، وذكر تحقيق أجرته رويترز أن الصحفي اللبناني قتل في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على يد طاقم دبابة إسرائيلية أثناء تصوير قصف عبر الحدود في لبنان. ونفت إسرائيل وقتها استهداف الصحفي، وقالت إن “الحادث قيد المراجعة”.
ويذكر أنه، منذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأحد 22 ألفا و835 قتيلاً و58 ألفا و416 جريحا معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب ما ذكرته مصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وفي الختام، تذكر عزيزي القارئ أن قصة الصحفي وائل الدحدوح ليست وحيدة أو نادرة فهناك العديد من القصص التي تشبهها في قطاع غزة، فقصته تمثل حال أهالي قطاع غزة جميعهم، ففي كل بيت هناك شهيد أو مفقود، فبيوت قطاع غزة تهدم فوق ساكنيها دون أن يحرك العالم ساكناً وهو يتفرج على الجرائم التي يرتكبها جيش الإحتلال الإسرائيلي بحق هذا الشعب الأعزل، وقصة الدحدوح لم تظهر للعلن لو لم يكن هو صحفي، واعتاد أن ينقل وجع الناس، أما باقي القصص المأساوية التي حدثت بسبب الاعتداءات الإسرائيلية فهي مدفونة تحت الركام حالها حال أصحابها.